مقدمة:

اقْتَضَتْ حِكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون الخلق ذكراً وأنثى، من أكبر مجراته إلى أدق تفصيلاته، {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36].

وقدر الله تعالى طبيعة الأَزْوَاج في كل هذا الخلق أن تتجاذب؛ فالذَّكَر والأنثى في النوع الواحد يتجاذبان حتماً بحكم الطبيعة والفطرة، ففي البشر ترى الرجل يمَيْل للمرأة، والمرأة تميْل للرجل، وفق قانون عامٍّ، اقتضته حكمة الله سبحانه، لا سبيل إلى تجنُّبِهِ أو إنكاره.

وقد اعتنى الإسلام بهذا الميل المتبادل من خلال تهذيبه وأجرائه في أقنية شرعيَّة ومسالك نظيفة تمثلت بالزواج؛ ليتعفف كلٌّ من الزوجين بالآخر، وتستمر الحياة، ولا ينقرض النسل.

ومع ما أودع الله في كلٍّ من الجنسين من الرغبة في الآخر، غير أنه حذَّر من الاقتراب من كل ما يثير في غرائز النفس أو يحرك شهوتها خارج الإطار المسموح به، بدءاً من الأمر بغض البصر، وتحريم اللمس، وضرب السياج المتين الذي يصون المرأة ويحفظها ويكبح جماح الرجل من خلال النصوص التي تأمر المرأة بالقرار، والحجاب، وغض البصر، والتحذير من فتنة النساء، والمباعدة بين النساء والرجال...

 

وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء فقال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِي النَّاسِ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاء» [رواه البخاري ومسلم]

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدُّنيا حُلوة خَضِرَة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها، فناظرٌ فكيف تعملون، فاتَّقوا الدُّنيا واتَّقوا النِّساء، فإنَّ أوَّل فِتْنَة بني إسرائيل في النِّساء» [رواه مسلم].

 هذا حديث صحيح يحذر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اختلاط النساء بالرجال، وينصح الرجال -ومِن خلفهم النساء- باتقاء هذه الفتنة العظيمة التي فتنت أمماً سابقة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِيِنِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ....» [رواه البخاري].

 

وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأدبه في هذا الجانب -علماً بأنّه صلى الله عليه وسلم أنقى البشر سريرة وعلانية وأبعدهم عن الوقوع في ما حرم الله- أنه «كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيراً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: (فَأُرَى -والله تعالى أعلم- أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ) [رواه البخاري].

وهذا من اهتدائه صلى الله عليه وسلم بهدى النبيين قبله، فقد كان من أهم أسباب محنة نبي الله يوسف عليه السلام الاختلاط الذي كان في البيئة التي فرِض على يوسف الوجود فيها، فلولا الاختلاط لم تقع امرأة العزيز بحبه ولم تتعلق به نساء الطبقة المخملية في مصر: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:23].

 

وبالمقابل: ذكر الله تعالى في القرآن أنموذجاً لتعفف الشباب والفتيات عن الوقوع في مواطن الاختلاط، والربء عن مواضع التهم، فقال تعالى في قصة موسى عليه السلام: { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا...} [القصص: 23 - 25]

 

خطر الاختلاط

الاختلاط المفتوح ظاهرة دخيلة على عاداتنا الإسلامية وتقاليدنا الاجتماعية، استطاعت أن تحول أعرافنا وتبرر أخطاءنا، وتتمدد بيننا وتنتشر، كبلاء وخيم، نراه اليوم منتشراً في دوائرنا ومؤسساتنا ومدارسنا وأسواقنا، وأماكن التنزه والترفيه، وحتى في أسَرنا.. داء يحمل معه الأمراض الدينية والدنيوية، البدنية والنفسية، ففي الاختلاط من ذا الذي يَسلم من زنا العين، والأذن لو سَلِمَ من اللسان واليد والرجل؟ فإن سَلِمَ فكم هو عدد السالمين مقابل المفتونين؟!

 

نعم، ربما لا يمكن اليوم منع الاختلاط بين الجنسين اليوم، خاصة في (المدارس – المعامل – الدوائر الرسمية – التعليم)، لكن يمكن تقنينه وتفادي أخطاره، دون استرسال فيه، فالاختلاط اليومي أشد خطراً من ذي قبل، وليس العكس، وذلك لعدد من المتغيرات، منها: انتشار الأدب الفاحش الخليع، والأفلام الفاحشة والصور الهابطة، وانحطاط المستوى الأخلاقي الذي يظهره اللباس.

 

وقد بتنا نرى الاختلاط بين الرجال والنساء بفلسفات واهية لا تغني عند الله والناس..

إحداهن تقول: أحتاج أن أتحدث معه في شؤون دراستي، فهو يفيدني لأنه مجتهد في الجامعة... وكأن الجامعة خلت من الفتيات..

وأخرى تقول: طبيعة العمل بيننا تقتضي هذا الاختلاط.. وكأن العمل كالرحم أو النسب.. وكأن زميل العمل جدار.. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..

وثالثة تقول: هذا أخو زوجي.. ولا أستطيع أن أقطع العلاقات الاجتماعية، ولئن سلمت عليه وقبلته أكون أصل رحمي!!

 

إن كانت العلاقات الاجتماعية غير شرعية وغير صحيحة فهذا أمر محرم! قال رسول الله r: «الحمو الموت» [متفق عليه. الحمو: أخو الزوج وأقاربه]، فدخول الحمو عليها في غياب زوجها مثلاً محرَّم، وخلطتها به خارج إطار الشرع أمر مقيت، وعند الحديث عن الاختلاط لا يختلف البعيد عن القريب، بل ربما كان القريب أشد خطراً للحديث المتقدم.

نسمع عن رجل يدخل بيت أخيه في غيبة الأخ، متعللاً بالاطمئنان على أولاد أخيه!! أو يبرّر بأنه معتاد أن يأتيهم بحاجات البيت كل يوم، فيُدخِلها إلى المطبخ، وربما سَأَلَته زوجة أخيه بعض الحاجات؛ لأن أخاه مشغولٌ بعمل أو سفر.

كيف يدخل هذا الرجل على زوجة أخيه، وهي وحدها في البيت؟! هذا نذير الكارثة.

كيف فَعَل الرجل هذا؟ وكيف رَضِيَت الزوجة أن تُدخِل عليها رجلاً غريباً في غياب زوجها؟!

 

هناك عدد مُرعب من الحوادث في هذا الشأن، والسبب أن هذه العلاقات الاجتماعية محرَّمة غير مشروعة، مبطنة بفلسفات غريبة عجيبة لا توافق الشرع ولا تحفظ الشرف.

يدخلُ ابن العم إلى زوجة ابن عمه في غيبة زوجها وأهلها، ولئن سألته: كيف تفعل ذلك والنبي r يقول: «إياكم والدخولَ على النساء» [متفق عليه]، ويقول: «ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» [الترمذي]؟ أجاب: نحن في العائلة كالإخوة! هذا غيرُ صحيح؛ إذ ليسوا كالإخوة، بل يباح لكل منهما الزواج من الآخر فالحرمة بينهما حرمة مؤقتة، ويبقى الشرع فوق كل فلسفة وضعيَّة.

كم أردَت هذه الأفهام أسراً، وأوقعت من بلايا وأخطاء قطعت أرحاماً، وغيرت حسن الصلة بالجوار إلى أسوأ ما يمكن أن يتخيل عقل، وخربت بيوتاً وأطمعت نفوساً واختلقت تلك الظروف التي أنجبت ما يُذكر وما لا يُذكر..

يقول الشاعر:

وخلطة النساء بالرجال
وسمَة الفسَّاق والجهَّال

 

 

في شرعنا من أقبح الخصال
في كل وقت وبكل حال

 

 

بعض الأرقام تشير إلى أن:

  • 89% من الطلاب في الثانويات الأمريكية ارتكبوا فاحشة الزنى.
  • 48% من التلميذات في المدارس والجامعات في بعض المدن الأمريكية حوامل من الزنا.
  • 120 ألف طفل في عام واحد أنجبتهم فتيات لا تزيد أعمارهن على العشرين بصورة غير شرعية، وأن كثيراً من تلك الفتيات طالبات في الجامعة.
  • 45% من فتيات المدارس يدنسن أعراضهن قبل خروجهن من المدارس بتقديرات القاضي الأمريكي (لندس).
  • 76% من الأمريكيين يرون أن البلاد أصبحت تواجه هبوطاً أخلاقياً وروحياً كبيراً كما بيَّن استطلاع للرأي نشرته الأهرام.
  • نشرت صحيفة (الشرق الأوسط) إن 75% من الأزواج يخونون زوجاتهم في أوروبا، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشيء ذاته، وفي كثير من الحالات يعلم الزوج بخيانة الزوجة وتعلم الزوجة بخيانة زوجها، ومع هذا قد تستمر العلاقات الزوجية الشكلية دون أن يطرأ عليها أي انفصام من باب " اسكت عني أسكت عنك ".

 

لمثل هذا قامت الدعوات في أوساط النساء والرجال إلى الحد من الاختلاط الذي يُعَد البيئة الحاضنة لهذه البلايا، ومن ذلك ما جاء في صحيفة (سنانيري) الأمريكية -وهي صحيفة معنية بالكتابة عن مشكلات الشباب تحت سن العشرين-: (إن المجتمع العربي مجتمع كامل وسليم، ومن الخليق لهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول، وهذه القيود صالحة ونافعة؛ لذا أنصح أن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا لعصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحة وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا، فقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقدا مليئاً بكل صور الإباحية، وإن ضحايا الاختلاط والحرية يملؤون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية).

وذكرت مجلة أمريكية الأسباب التي تؤدي إلى رواج الفحشاء بأنها ثلاث: إحداها انحطاط المستوى في عامة النساء الذي يظهر في ملابسهن بل في عريهن، والإقدام على التدخين، واختلاطهن بالرجال بلا قيد ولا التزام.

 

حكم الاختلاط:

هناك جانب من الاختلاط لم يقل بتحريمه أحد، وهو ما كان عفوياً غير مقصود لذاته، كالاختلاط في الطواف والأسواق والطرقات، وحضور المرأة للشهادة عند القاضي ونحو ذلك، وقد قال تعالى في الشهادة: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، ومثل ذلك ما كان له حكم الضرورة كخدمة النساء في الجيش وقت الحرب حين يقلُّ الرجال.

وقد أباح الإسلام الاختلاط الجادّ بين الرجال والنساء بشروط، وضبَطَه بضوابط، منها:

  1. غضّ البصر من الطرفين، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30].
  2. عدم الخلوة وعدم المصافحة والملامسة.
  3. الجدية في الحديث وعدم الخضوع بالقول، {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب: 32].
  4. أن يكون لحاجة حقيقية، أو ضرورة (كتطبيب- وشهادة- وبيع وشراء...).
  5. التزام اللباس المحتشم الشرعي. {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31]
  6. اجتناب المغريات (العطور والزينة والحركات المغرية...)
  7. الحذر من امتداد الاختلاط فوق الحاجة، {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [الفاتحة: 173]

 

هذا وإن نظر الرَّجل إلى المرأة الأجنبية من دون ضرورة حرام، ونظر المرأة إلى الرجل الأجنبي من غير ضرورة أيضاً حرام، فقد قال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ...} الآية [النُّور:30-31].

وقال أيضاً معلماً المسلمين طريقة التعامل مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِن} [الأحزاب:53].

وكما نهى عن النظر بغير ضرورة نهى عن الكلام بغير ضرورة أيضاً، فقال الله تعالى فيه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب:32].

ومثل ذلك في الحرمة: اللمس بين الرجل والمرأة الأجنبيين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخْيَطٍ من حديد؛ خير له من أن يمسَّ امرأة لا تحل له» [رواه الطبراني والبيهقي].

وأشد من النظر والكلام واللمس: الخلوة، فقد حرمها الله على لسان نبيه، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يخلوّنّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» [متفق عليه].

 

وبناء على ذلك: فإن كان هناك من داعٍ للاختلاط مع الرجال لحاجةٍ حقيقيةٍ جاز ذلك بشروطه، وإلا فلا.

 

ماذا عن الاختلاط الالكتروني:

حكمه حكم الاختلاط الطبيعي، لكنه يحتاج حذراً إضافياً لوقوع معنى الخلوة، كما يحتاج انباهاً شديداً؛ لأن الكتابة حمالة وجوه.

 

إجراءات نبوية للوقاية من الاختلاط:

لأن الله تعالى قدر طبيعة الأَزْوَاج في كل هذا الخلق أن تتجاذب؛ فالذَّكَر والأنثى في النوع الواحد يتجاذبان حتماً بحكم الطبيعة والفطرة، ضبط الإسلام الاختلاط، وضرب السياج المتين الذي يصون المرأة ويحفظها ويحفظ منها، ويكبح جماح الرجل ليَسلَم، وتَسلَم منه المرأة، وذلك من خلال النصوص التي تأمر بغضِّ البصر، وتحرِّم اللمس على كلا الجنسين، فقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 30-31]

 

وأمر المرأة بالقرار في بيتها، وألزمها بالحجاب، فقال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب: 33]، وفي التزام المرأة غالب وقتها في بيتها إحصان لها، وإحصان للمجتمع من المفاتن المتوقعة من الاندماج والاختلاط بين الجنسين في الطرق والأسواق.

 

وحذَّر النساء من فتنة الرجال، وحذر الرجال من فتنة النساء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء» [مسلم].

 

وقال رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِن الدنيا حُلْوةٌ خَضِرَة، وإن الله مُستَخْلِفُكم فيها فناظرٌ كيف تعملون؟ فاتَّقُوا الدنيا، واتَّقوا النساء، فإنَّ أولَ فِتْنَةِ بني إسرائيل كانت في النساء» [مسلم]

 

وأمر الرجل باجتناب مجالس النساء، فقال رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيِّاكُم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصار: أَفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: الحَمْوُ: الموتُ» [متفق عليه]

 

ومن طريف ما يروى في ذلك ما أخرج الطبراني في المعجم الكبير عن خوات بن جبير، قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، قال: فخرجت من خبائي، فإذا أنا بنسوة يتحدثن، فأعجبنني، فرجعت، فاستخرجت عيبتي، فاستخرجت منها حلة فلبستها، وجئت فجلستُ معهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبته فقال: «أبا عبد الله.. ما يجلسك معهن؟»، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبتُه واختلطتُ، قلت: يا رسول الله، جملٌ لي شرَد، فأنا أبتغي له قيداً!

فمضى صلى الله عليه وسلم واتبعته، فألقى إلي رداءه، ودخل الأراك كأني أنظر إلى بياض متنه في خضرة الأراك، فقضى حاجته وتوضأ، فأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره فقال: «أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟»، ثم ارتحلنا، فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال: «السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد ذلك الجمل؟»، فلما رأيت ذلك تعجَّلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد والمجالسة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فلما طال ذلك تحيَّنت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فقمت أصلي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجَره فجأة، فصلى ركعتين خفيفتين وطولتُ رجاء أن يذهب ويدعني، فقال: «طوِّل أبا عبد الله ما شئت أن تطول..، فلستُ قائماً حتى تنصرف»، فقلت في نفسي: والله لأعتذرنَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبرئَن صدره، فلما قال: «السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد ذلك الجمل؟» فقلت: والذي بعثك بالحق، ما شرد ذلك الجمل منذ أسلم، فقال: «رحمك الله» ثلاثاً، ثم لم يعد لشيء مما كان.

 

هكذا.. أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال باجتناب مجالس النساء، وعالج هوى النفس بهذه الطرُق اللطيفة الناجعة..

ثم عمل صلى الله عليه وسلم على المباعدة بين النساء والرجال، وحتى في الصلاة فقد باعد بين الجنسين، فجعل صفوفه النساء في المؤخرة، ورتب الأجر الكبير على ابتعاد الرجل عن صفوف النساء، وابتعاد المرأة عن صفوف الرجال، فقال صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أوَّلها، وشرَّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أوَّلها» [مسلم].

 

ثم خصص صلى الله عليه وسلم لهن باباً، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء». فما دخل منه الصحابة بعدها [أبو داود]، و«كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيراً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: (فَأُرَى -والله تعالى أعلم- أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ) [رواه البخاري].

هذه إجراءات وقائية سديدة ضرورية، إذ هي متكررة في كل يوم خمس مرات، وأي خل يطرأ عليها قد يتفاقم سريعاً، ليشكل خطراً دينياً ودنيوياً.

 

وزيادة في الاحتياط كان صلى الله عليه وسلم يأمر النساء بالمشي في حواف الطريق، وأن يدعن الوسط للرجال، وبهذا التوجيه فصل بينهما حتى في الطرقات؛ مع أن هذا النوع من الاختلاط عفوي غير منظم، لكنه يُكسب النساء بذلك اعتياد اجتناب الرجال، ويحفظ هامش التقارب بينهما.

عن أبي سعيد t أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: «استأخرنَ، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق». فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. [أبو داود]

 

وفي مجال التعليم، خصص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء مجالس يتلقين فيها العلم لما قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن. [البخاري].

 

وحتى في بيعة النساء.. ما مَسَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِهِ امرأةً قطُّ، إلا أن يأخذَ عليها، فإذا أخذ عليها وأعطَتْهُ، قال: «اذهبي، فقد بايعتُك» [متفق عليه]، وفي هذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم لصحابته رجالاً ونساءً وأمته من بعده التزام الحذر من الاختلاط، حتى لو كان تحت غطاء شرعي دعوي.

هذه عشرة إجراءات وقائية نبوية:

  1. الأمر بغض البصر.
  2. تحريم اللمس.
  3. أمر المرأة بالقرار في بيتها.
  4. إلزام المرأة بالحجاب.
  5. حذر الرجال من فتنة النساء.
  6. أمر الرجل باجتناب مجالس النساء.
  7. المباعدة بين النساء والرجال، حتى في الصلاة.
  8. تخصيص باب لدخول وخروج النساء في المسجد
  9. أمر المرأة أن تمشي على طرف الطريق، وترك الوسط للرجال.
  10. تخصيص مجالس علم خاصة للنساء.

 

وهنا أريد أن أقف وقفة مهمة: فلا أعلم لماذا تنظر بعض بناتنا للرجال الملتزمين والشيوخ الفضلاء نظرة مختلفة عن باقي الرجال، فتعامِلهم إن احتاجت استفساراً أو مسألة وكأنهم إخوتها! وكأنهم ليسوا بشراً عندهم دوافع ولهم حاجات وزوجات، يحبون ما يحبه باقي الرجال من النساء!

قد تسأل الواحدة منهنَّ سؤالاً يخص النساء فتبالغ في الشرح والوصف، وهي بذلك تُحرج الصادق، وتُطمِع الكاذب..، وقد تقع فيما لا يحمَد حين تكون فتنة للذين آمنوا ويلعب الشيطان دوره!

عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، ثم قال: «خُذي فِرْصَة من مِسْك، فتطَّهري بها»، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: «تطهري بها»، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: «سبحان الله! تطهري بها»، فاجْتَذَبْتُها إليَّ فقلت: تتَّبعي بها أثَرَ الدم. [متفق عليه].

 

مسألة اختلاط الصحابة:

وقع الاختلاط في العصر النبوي في المعارك، والأسواق، والمساجد، وقد يسوق بعض الناس شيئاً من الأدلة والأحداث من السيرة التي تحمل دلالات على اختلاط الصحابة الكرام فيما بينهم رجالاً ونساءً، ثم يبني عليها سلوكاً يوافق نفسه ويجري مجرى الهوى منه، وهذه الأدلة قد تكون صحيحة غير أنها لا تزيد أن تكون واردة قبل فرض الحجاب؛ لأن عادات الجاهلية استمرت حتى دعمها الشرع (كمكارم الأخلاق)، أو صقلها (كعدة المرأة) أو ألغاها (كالزنا والخمر والاختلاط المحرم)، وقد وردت أحاديث تصف حال جيل الصحابة قبل بيان حكم الاختلاط. وقد يكون الدليل وارداً بعد فرض الحجاب غير أنه يصور أحداثاً دارت بين المحارم رجالاً ونساءً، أو هي حالات استثنائية قدرها النبي صلى الله عليه وسلم بقدرها خصيصة أو تعليماً.

 

من آداب الاختلاط:

  1. تجنب المدح والإطراء الزائد.
  2. عدم رفع الكلفة (المزاح- المناداة بالاسم المجرد...)
  3. تجنب الكتابة بالعامّية حفاظاً على الجدّية.
  4. التكلم بلغة الجمع فرضاً لجو الاحترام.
  5. الحذر من وضع الصور الفاتنة للطرفين.
  6. عدم التعدي على أوقات الخصوصية كالتواصل في وقت متأخر من الليل.
  7. إبراز الجانب الديني والهوية الملتزمة للآخر لفتاً للنظر واستحضاراً للأدب.

 

ختاماً

هذا حديث عن الاختلاط، والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [النساء: 174، 175].

أما الذين عكفوا على إباحته وإطلاق لجامه فقد وقعوا في البلايا المترتبة على ذلك الفعل وتلك السياسة، والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

 

وأختم بوصية قيِّمة للشيخ علي الطنطاوي، والذي يقول في بعض وصاياه:

(إن الديكين إذا اجتمعا على الدجاجة اقتتلا غيرة عليها وذوداً عنها، وعلى الشواطئ رجال مسلمون لا يغارون على نسائهم المسلمات أن يراهُنَّ الأجنبي، لا أن يرى وجوههن ولا أكفهنَّ ولا نحورهن، بل كل شيء فيهن! كل شيء إلا الشيء الذي يقبح مرآه ويجمُل ستره، وهو العورتان، وحلمتا الثديين.

وفي النوادي والسهرات التقدمية الراقية رجال مسلمون يقدمون نساءهم المسلمات للأجنبي ليراقصهن، ويضمهن حتى يلامس الصدر الصدر، والبطن البطن، والفم الخد، والذراع ملتوٍ على الجسد، ولا ينكر ذلك أحد!

وفي الجامعات المسلمة شبان مسلمون، يجالسون بنات مسلمات متكشفات باديات العورات، ولا ينكر ذلك الآباء المسلمون ولا الأمهات المسلمات.

وأمثال هذا كثير، لا يدفَع في يوم واحد ولا بوثبة عاجلة، بل بأن نعود إلى الحق، من الطريق الذي وصلنا منه إلى الباطل، وإن وجدناه الآن طويلاً، وإن من لا يسلك الطريق الطويل الذي لا يجد غيره لا يصل أبداً، وأن نبدأ بمحاربة الاختلاط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلُوَنّ رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» [أحمد والترمذي والحاكم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي مَحرَم» [متفق عليه].

 

السفور إن اقتصر على الوجه -كما خلق الله الوجه- نقبل به -وإن كنا نرى الستر أحسن وأولى-، وأما الاختلاط فشيء آخر، وليس يلزم من السفور أن تختلط الفتاة بغير محارمها، وأن تستقبل المرأة السافرة صديق زوجها في بيتها، أو أن تحييه إن لقيته في وسائل النقل، أو لقيته في الشارع، وأن تصافح البنت رفيقها في الجامعة، أو أن تصل الحديث بينها وبينه، أو أن تمشي معه في الطريق، وتستعد معه للامتحان وتنسى أن الله جعلها أنثى وجعله ذكراً، وركّب في كلٍّ الميل إلى الآخر، فلا تستطيع هي ولا هو ولا أهل الأرض جميعاً أن يغيروا خلق الله، وأن يساووا بين الجنسين، أو أن يمحوا من نفوسهم هذا الميل.

 

وإن دعاة المساواة والاختلاط باسم المدنية قوم كذابون من جهتين:

-كذابون لأنهم ما أرادوا من هذا كلِّه إلا إمتاع جوارحهم، وإرضاء ميولهم، وإعطاء نفوسهم حظها من لذة النظر، وما يأملون به من لذائذ أُخر، ولكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به، فلَبَسوه بهذا الذي يهرفون به من هذه الألفاظ الطنانة، التي ليس وراءها شيء: التقدمية، والتمدن، والحياة الجامعية، وهذا الكلام الفارغ -على دَويِّه- من المعنى، فكأنه الطبل.

-وكذابون لأن أوروبا التي يأتمرون بها، ويهتدون بهديها، ولا يعرفون الحق إلا بدمغتها عليه، فليس الحق عندهم الذي يقابل الباطل ولكن ما جاء من هناك: من باريس ولندن وبرلين ونيويورك، ولو كان الرقص والخلاعة، والاختلاط في الجامعة، والتكشف في الملعب، والعري على الساحل..

والباطل ما جاء من هنا: من الأزهر، والأموي، وهاتيك المدارس الشرقية، والمساجد الإسلامية، ولو كان الشرف والهدى، والعفاف، والطهارة، طهارة القلب وطهارة الجسد.

 

إن في أوروبا وفي أمريكا - كما قرأنا وحدثَنا من ذهب إليها- أُسَر كثيرات لا ترضى بهذا الاختلاط ولا تسيغه، وإن في باريس نفسها آباء وأمهات لا يسمحون لبناتهم الكبيرات أن يسرن مع شاب، أو يصحبنه إلى السينما، بل هم لا يُدخلونهن إلا إلى روايات عرفوها وأيقنوا بسلامتها من الفحش والفجور، اللذين لا يخلو منهما -مع الأسف- واحد من هذه التهريجات والصبيانيات السخيفة التي تسميها الشركات الهزيلة الرقيعة الجاهلة بالفن السينمائي مثل جهلها بالدين.. تسميها أفلاماً.

 

يقولون: إن الاختلاط يكسر شِرَّة الشهوة، ويهذب الخلق، وينزع من النفس هذا الجنون الجنسي!!

أنا أُحيل الجواب على من جرَّب الاختلاط في المدارس.. روسيا التي لا تعود إلى دين، ولا تسمع رأي شيخ ولا قسيس، ألم ترجع عن هذه التجربة لما رأت فسادها؟ وأمريكا، ألم تقرؤوا أن من جملة مشكلات أميركا ازدياد نسبة الحاملات من الطالبات! فمن يسرُّه أن يكون في جامعات مصر والشام وسائر بلاد الإسلام مثل هذه المشكلة؟).